طريق جدة - مكة المباشر: نقلة نوعية في البنية التحتية لتسهيل حركة التنقل بين المدينتين المقدستين

تستعد المملكة العربية السعودية لإحداث نقلة نوعية في مجال البنية التحتية والنقل، مع اقتراب افتتاح مشروع "طريق جدة - مكة المباشر"، الذي يتوقع أن يحدث تحول جذري في حركة التنقل بين المدينتين المقدستين.

نقلة نوعية في البنية التحتية لتسهيل حركة التنقل بين المدينتين المقدستين

لطالما كانت مدينتا مكة المكرمة وجدة مرتبطتين بعلاقات تاريخية وثيقة، حيث تعتبر جدة البوابة البحرية لمكة، ويعتمد الحجاج والمعتمرون القادمون بحر وجو عليها كنقطة انطلاق نحو المسجد الحرام.

هذا الارتباط الجغرافي والديني جعل من تطوير وسائل النقل بين المدينتين أمر حيوي على مر العصور.

طريق مكة القديم

في العقود الماضية، كان "طريق مكة القديم" هو الشريان الرئيسي الذي يربط بين جدة ومكة المكرمة، يمتد هذا الطريق لمسافة تقارب 73 كيلومتر، ويمر عبر مناطق مثل بحرة وحداء.

ورغم أهميته التاريخية، إلا أن زيادة الحركة المرورية وتنامي أعداد الحجاج والمعتمرين أدت إلى الحاجة لتطوير بنية تحتية أكثر كفاءة.

استجابة لهذه المتطلبات، تم إنشاء "طريق جدة - مكة السريع" في الثمانينات الميلادية، والذي ساهم بشكل كبير في تسهيل الحركة بين المدينتين.

يمتد هذا الطريق بطول 72 كيلومترًا، ويتألف من أربعة مسارات في كل اتجاه، مما قلل من زمن الرحلة إلى حوالي ساعة واحدة. ورغم ذلك، ومع تزايد أعداد المركبات والازدحام المروري، برزت الحاجة إلى حلول أكثر فعالية.

في هذا السياق، أعلنت المملكة عن مشروع "طريق جدة - مكة المباشر"، الذي يعد من أهم المشاريع الاستراتيجية في قطاع النقل.

يبلغ طول الطريق 62 كيلومتر، ويبدأ من تقاطع حي النزهة بمحافظة جدة، بالقرب من مطار الملك عبدالعزيز الدولي، ويمتد حتى الطريق الدائري الرابع بمكة المكرمة.

يتميز الطريق بأربعة مسارات في كل اتجاه، مع جزيرة وسطية بعرض 16 مترًا، مما يضمن انسيابية الحركة المرورية.

من أبرز مزايا هذا المشروع قدرته على اختصار زمن الرحلة بين جدة ومكة إلى حوالي 35 دقيقة فقط، مما يسهم في تسهيل تنقل الحجاج والمعتمرين، خاصة أولئك القادمين عبر مطار الملك عبدالعزيز الدولي.

بالإضافة إلى ذلك، سيساهم الطريق في تخفيف الازدحام المروري على الطرق الحالية، مثل طريق الحرمين وطريق جدة - مكة القديم، مما يحسن من جودة الحياة لسكان المنطقة.

يشمل المشروع أيضًا إنشاء أربع مناطق خدمية على جانبي الطريق، تتضمن محطات وقود، مطاعم، مساجد، ومراكز لخدمات الطوارئ، لتلبية احتياجات المسافرين وضمان راحتهم.

كما تم تصميم الطريق وفقًا لأعلى معايير السلامة والجودة، مع مراعاة الجوانب البيئية، من خلال زراعة الأشجار على جانبي الطريق للحد من التلوث وتحسين المناظر الطبيعية.

تقدر تكلفة المشروع بحوالي 2.7 مليار ريال سعودي (720 مليون دولار)، ومن المتوقع افتتاحه بالكامل في الربع الأول من عام 2025.

عند اكتماله، سيعزز الطريق من الحركة التجارية والسياحية بين جدة ومكة، ويدعم مستهدفات رؤية المملكة 2030، التي تسعى إلى زيادة أعداد الحجاج والمعتمرين إلى 30 مليون معتمر سنويًا.

يجسد مشروع "طريق جدة - مكة المباشر" التزام المملكة بتطوير بنيتها التحتية وتسهيل حركة التنقل، بما يخدم سكانها وزوارها، ويعزز مكانتها كوجهة رائدة في مجالات النقل والخدمات اللوجستية.