مفاجأة صادمة عن براكين السعودية بعد ثوران براكين أثيوبيا

مفاجأة صادمة عن براكين السعودية بعد ثوران براكين أثيوبيا
  • آخر تحديث

أعاد ثوران أحد البراكين في شرق إفريقيا فتح باب النقاش والقلق على منصات التواصل الاجتماعي، حيث سارع بعض المتابعين إلى الربط بين ما جرى هناك وبين الوضع الجيولوجي في المملكة العربية السعودية.

مفاجأة صادمة عن براكين السعودية بعد ثوران براكين أثيوبيا 

هذا التفاعل السريع، رغم انتشاره الواسع، يعكس في جوهره نقص في الفهم العلمي لطبيعة البراكين واختلاف البيئات الجيولوجية من منطقة إلى أخرى.

فالأحداث الطبيعية لا يمكن تفسيرها بالتشابه الظاهري أو القرب الجغرافي، بل تحتاج إلى قراءة علمية دقيقة تستند إلى حركة الصفائح الأرضية وتاريخ النشاط البركاني في كل منطقة.

أين يقع بركان هاييلي غوبي ولماذا ثار؟

يقع بركان هاييلي غوبي في منطقة عفار بشرق إثيوبيا، وهي واحدة من أكثر المناطق نشاط جيولوجي على مستوى العالم.

هذه المنطقة تقع ضمن الصدع الإفريقي العظيم، حيث تتباعد الصفائح الأرضية بشكل مستمر، ما يخلق شقوق عميقة في القشرة الأرضية تسمح للصهارة بالصعود إلى السطح.

هذا النوع من البيئات يعرف بنشاطه الدائم، ويعد الثوران البركاني فيها أمر متوقع من الناحية العلمية.

الثوران الأخير الذي حدث في نوفمبر 2025 كان حدث لافت لأنه الأول منذ آلاف السنين، وقد صاحبته سحب من الرماد البركاني التي ارتفعت لمسافات كبيرة وأثرت على حركة الطيران في بعض الدول المجاورة.

طبيعة النشاط البركاني في إثيوبيا

البراكين في منطقة عفار تتغذى مباشرة من حركة الصفائح النشطة، ما يجعلها قابلة للثوران في أي وقت دون إنذار طويل.

هذه البراكين غالبا ما تكون ذات طابع انفجاري، ويصاحبها تصاعد كثيف للرماد والغازات، إضافة إلى تدفقات حمم سريعة.

لذلك فإن ما حدث في إثيوبيا يندرج ضمن السياق الطبيعي لمنطقة معروفة بتاريخها البركاني الطويل، ولا يعد مؤشر على تغيرات عالمية مفاجئة.

الاختلاف الجوهري مع براكين المملكة

في المقابل، تختلف البراكين في المملكة العربية السعودية اختلاف جذري من حيث النشأة والسلوك.

فالحرات البركانية المنتشرة في الجزء الغربي من المملكة تشكلت قبل ملايين السنين، وكان ظهورها مرتبط بانفتاح البحر الأحمر أو بنشاط داخلي محدود داخل اللوح العربي.

هذه البراكين تصنف في الغالب على أنها براكين أحادية النشأة، أي أن كل فوهة تثور مرة واحدة فقط ثم تخمد نهائيا، ولا تعاود النشاط من الفتحة نفسها مرة أخرى.

الحدث التاريخي الأبرز في سجل المملكة

من أبرز الأحداث البركانية التي سجلها التاريخ في الجزيرة العربية الثوران الذي وقع سنة 654 للهجرة، الموافق 1256 للميلاد، بالقرب من المدينة المنورة.

في ذلك الوقت اندفعت حمم بازلتية داكنة من شقوق أرضية جديدة، وقطعت مسافات ملحوظة قبل أن تتوقف.

ورغم أن هذا الحدث ترك أثر واضح في الروايات التاريخية والمعالم الجيولوجية، فإن طبيعته كانت هادئة نسبيا، ولم يصاحبه نشاط انفجاري واسع أو تأثيرات بعيدة المدى كما هو الحال في مناطق التصدع النشط.

الوضع البركاني الحالي في المملكة

منذ ذلك الثوران التاريخي، لم تشهد المملكة أي نشاط بركاني فعلي، ورغم تسجيل بعض الاهتزازات الزلزالية الخفيفة من حين لآخر، فإنها تخضع للمراقبة العلمية المستمرة، ولم تقترن بأي دلائل تشير إلى اقتراب ثوران جديد.

الفارق الأساسي أن البراكين في المملكة تعتبر خامدة أو منطفئة عمليا، ولا توجد مؤشرات علمية تدل على عودتها للنشاط في المستقبل القريب أو البعيد.

لماذا الربط بين الحدثين غير صحيح؟

الربط بين ثوران بركان في إثيوبيا والبراكين في المملكة يقوم على تشابه شكلي فقط، دون أي أساس علمي.

فكل منطقة تخضع لظروف جيولوجية مختلفة تماما، سواء من حيث حركة الصفائح أو تاريخ النشاط البركاني.

إثيوبيا تقع في قلب منطقة نشطة ومتجددة، بينما تقع المملكة على لوح أرضي مستقر نسبيا، بعيد عن مناطق التصدع القاري النشط.

الحرات البركانية كإرث جيولوجي

تمتد الحرات البركانية في غرب المملكة من الشمال إلى الجنوب، ويبلغ عددها نحو اثنتي عشرة حرة، تضم آلاف الفوهات الصغيرة التي تكونت في عصور جيولوجية قديمة ثم خمدت.

اليوم، لم تعد هذه الحرات مصدر خطر، بل أصبحت معالم طبيعية وجيولوجية فريدة، مثل فوهة الوعبة في حرة كشب، وجبل قدر في حرة خيبر، والتي تجذب الباحثين والمهتمين بالطبيعة.

أهمية الوعي العلمي في مواجهة الشائعات

الجدل الذي أثير حول هذا الموضوع يعكس الحاجة الماسة إلى تعزيز الثقافة العلمية، وعدم الانسياق وراء التهويل أو السيناريوهات الكارثية غير المبنية على حقائق.

المملكة ليست ضمن الدول المعروفة بنشاطها البركاني المستمر، مثل اليابان أو إندونيسيا، كما أن هناك جهات علمية متخصصة تتابع أي تطورات زلزالية أو بركانية بدقة عالية، وتصدر تقاريرها بشكل منتظم.

المشهد الجيولوجي

في النهاية، يمكن القول إن ما حدث في إثيوبيا يظل حدث محلي مرتبط بطبيعة تلك المنطقة الجيولوجية، ولا يشكل أي مؤشر على مخاطر مشابهة داخل المملكة.

براكين السعودية تمثل صفحة من تاريخ الأرض، لا مصدر قلق في الحاضر، والاطمئنان المبني على العلم يظل دائمًا أقوى من الخوف القائم على الشائعات.