قبل 70 سنة هكذا بدأت محطات الدريس ببرميل وانبوبة

قبل 70 سنة هكذا بدأت محطات الدريس ببرميل وانبوبة
  • آخر تحديث

في قلب الصحراء، وقبل أن تعرف المملكة العربية السعودية الطرق السريعة ومحطات الوقود الحديثة، بدأت واحدة من أشهر قصص الريادة في قطاع الطاقة والخدمات، قصة لم تنطلق من مباني متطورة أو تجهيزات معقدة، بل من فكرة بسيطة وحاجة يومية ملحة، تحولت مع الزمن إلى كيان اقتصادي كبير يخدم ملايين المستخدمين.

قبل 70 سنة هكذا بدأت محطات الدريس ببرميل وانبوبة 

هذه القصة رواها حمد بن محمد الدريس، رئيس مجلس إدارة شركة حمد محمد الدريس وشركاه للصناعة والتعدين، مستعيد تفاصيل البدايات الأولى لمحطات الدريس للوقود.

البداية الأولى في عام 1957

يعود تأسيس الفكرة الأولى لمحطات الدريس إلى عام 1957، في فترة كانت فيها وسائل السفر محدودة، والخدمات شحيحة، خاصة خارج المدن الرئيسية.

في تلك المرحلة، كان الموقع الذي انطلقت منه الفكرة يعرف باسم سامودة، وهو مورد مياه بسيط في الصحراء، أصبح اليوم مدينة قائمة بذاتها.

هذا المكان كان محطة عبور للسائقين والمسافرين، ما جعله نقطة مناسبة لتقديم خدمة أساسية يحتاجها الجميع.

صندقة صغيرة وبراميل بنزين

أوضح الدريس أن البداية كانت متواضعة للغاية، حيث تم وضع صندقة صغيرة تحتوي على بعض قطع غيار السيارات الضرورية، إلى جانب عدد من براميل البنزين.

لم تكن هناك مضخات أو تجهيزات معروفة بالشكل الحديث، بل مجرد براميل تخزن فيها الوقود، يعتمد عليها المسافرون لتعبئة سياراتهم قبل مواصلة الطريق.

خدمة موجهة للجميع

في تلك المرحلة، لم تكن الخدمة مقتصرة على فئة معينة، بل كانت متاحة للبدو، وللسائقين، ولكل من يمر بالمكان ويحتاج إلى الوقود.

كان المسافرون يتوقفون للتزود بما يكفيهم من البنزين، في ظل غياب أي بدائل قريبة، ما جعل هذه البراميل تمثل شريان حياة حقيقي للطرق الصحراوية آنذاك.

طريقة التعبئة اليدوية

وصف الدريس طريقة التعبئة في تلك الفترة بأنها كانت بسيطة وتعتمد بالكامل على الجهد اليدوي. حيث يتم إدخال لي داخل البرميل، ثم توصيله بالتنكة، وبعد ذلك يسكب الوقود يدويا في خزان السيارة.

ورغم بدائية هذه الطريقة، فإنها كانت فعالة ومناسبة لظروف ذلك الزمن، وأسهمت في بناء الثقة بين مقدم الخدمة والمسافرين.

من فكرة بسيطة إلى تطور متدرج

مع مرور الوقت، وتزايد أعداد السيارات والمسافرين، بدأت الفكرة تتطور تدريجيا، تحولت البراميل إلى تجهيزات أكثر تنظيم، ثم ظهرت المضخات، وتوسعت الخدمات، حتى أصبحت محطات الوقود جزء أساسي من البنية التحتية للطرق.

هذا التطور لم يحدث دفعة واحدة، بل جاء نتيجة الاستمرار، وفهم احتياجات الناس، والقدرة على التكيف مع المتغيرات.

دروس من رحلة البداية

تحمل قصة انطلاق محطات الدريس معاني عميقة في عالم ريادة الأعمال، أبرزها أن المشاريع الكبرى قد تبدأ من أبسط الإمكانات، وأن النجاح لا يرتبط بضخامة البداية، بل بوضوح الفكرة والاستعداد للعمل والصبر.

كما تعكس هذه القصة طبيعة التحول الذي شهدته المملكة خلال العقود الماضية، من خدمات بدائية إلى منظومات حديثة متكاملة.

إرث ممتد عبر الأجيال

اليوم، عندما ينظر الكثيرون إلى محطات الوقود الحديثة المنتشرة في مختلف مناطق المملكة، قد لا يتخيلون أنها بدأت يوم من صندقة صغيرة وبراميل في قلب الصحراء.

لكن هذه التفاصيل البسيطة تشكل الأساس الحقيقي لقصة نجاح وطنية، امتدت عبر السنين، وأصبحت جزء من ذاكرة التطور الاقتصادي والخدمي في المملكة العربية السعودية.