فلكية جدة تكشف سر النجوم التي ظهرت بشكل مفاجئ في سماء السعودية

عند التأمل في السماء خلال ليالي فصل الشتاء، يلاحظ الكثيرون أن النجوم تبدو أكثر لمعان ووضوحً مقارنة ببقية فصول السنة، وكأن السماء قد ازدانت بمصابيح مضيئة ومتقاربة.

فلكية جدة تكشف سر النجوم التي ظهرت بشكل مفاجئ في سماء السعودية 

هذا المشهد ليس مجرد إحساس بصري أو مصادفة موسمية، بل هو نتيجة مباشرة لعوامل فلكية دقيقة تتعلق بموقع الأرض واتجاه نظرنا في الفضاء الواسع، وبالطريقة التي تنتشر بها النجوم داخل مجرتنا.

العلاقة بين موقع الأرض ومجرة درب التبانة

تدور الأرض حول الشمس، وفي أثناء هذه الحركة يتغير الاتجاه الذي نواجهه ليلا في الفضاء، خلال أشهر الشتاء، يكون الجزء من الأرض الذي نعيش عليه موجه نحو أطراف مجرة درب التبانة، أي نحو المناطق الأقل ازدحام بالنجوم، هذا التغير في الاتجاه يلعب دو أساسي في شكل السماء الذي نراه ليلا.

عندما ننظر نحو المناطق الخارجية من الذراع الحلزونية التي تقع فيها الشمس، نجد أن عدد النجوم في الخلفية أقل، مما يؤدي إلى انخفاض الإضاءة العامة للسماء.

ومع قلة هذا التوهج الخلفي، تظهر النجوم الفردية بشكل أكثر تميز، ويصبح لمعانها أوضح وتباينها أعلى، فتبدو السماء أكثر نقاء وصفاء.

الفرق بين سماء الشتاء وسماء الصيف

على العكس من ذلك، تختلف الصورة تماما في فصل الصيف، ففي أشهر الصيف، يتجه نظرنا ليلا نحو مركز مجرة درب التبانة، وهو أكثر مناطق المجرة ازدحام بالنجوم.

هناك تتجمع مليارات النجوم في مساحة واحدة، فتتداخل أضواؤها وتنتشر في السماء، مما يرفع مستوى الإضاءة الخلفية.

هذا التداخل الضوئي يجعل السماء تبدو أقل ظلمة، وأقرب إلى الضبابية، فتفقد النجوم المفردة جزءًا من وضوحها، حتى وإن كانت في الحقيقة شديدة السطوع.

لذلك يشعر الراصد بأن نجوم الصيف أقل بريق مقارنة بنجوم الشتاء، رغم أن السبب يعود إلى الخلفية الضوئية وليس إلى قوة النجوم نفسها.

معلومات أساسية عن مجرة درب التبانة

مجرة درب التبانة تعد من المجرات الحلزونية الضخمة، ويبلغ قطرها نحو مئة ألف سنة ضوئية، وهو رقم يعكس حجمها الهائل مقارنة بالمسافات التي نألفها على الأرض.

أما مركز المجرة، فيقع على مسافة تقدر ما بين خمسة وعشرين ألف وثمانية وعشرين ألف سنة ضوئية من موقعنا.

ورغم هذا القرب النسبي على المقاييس الفلكية، إلا أن رؤية مركز المجرة بشكل مباشر غير ممكنة، بسبب وجود كميات كبيرة من الغبار بين النجمي الذي يحجب الضوء ويمنع وصوله إلينا بوضوح.

موقع النظام الشمسي داخل المجرة

يقع النظام الشمسي داخل أحد الأذرع الحلزونية لمجرة درب التبانة، وهو الذراع المعروف باسم ذراع أوريون.

ويعد هذا الذراع أصغر نسبيا مقارنة ببقية أذرع المجرة، إذ يبلغ عرضه نحو ثلاثة آلاف وخمسمئة سنة ضوئية، بينما يصل طوله إلى ما يقارب عشرة آلاف سنة ضوئية.

ويتمركز النظام الشمسي بالقرب من الحافة الداخلية لهذا الذراع، وعلى مسافة تقترب من نصف طوله، وهو ما يفسر اختلاف المشاهد السماوية التي نراها على مدار العام تبعا لاتجاه النظر من هذا الموقع.

النجوم اللامعة وكوكبات الشتاء

من أشهر معالم سماء الشتاء كوكبة الجبار، والتي تعرف أيضا باسم الجوزاء في التراث العربي، وقد ارتبط اسمها بالنجوم اللامعة والواضحة التي تميزها عن غيرها من الكوكبات.

هذه النجوم تقع ضمن الذراع الحلزونية نفسها التي نعيش فيها، وتظهر بشكل لافت خلال ليالي الشتاء الصافية.

وتعد هذه الكوكبة مثال حي على كيفية تفاعل الموقع الكوني للنظام الشمسي مع حركة الأرض، ليمنحنا مشاهد سماوية مختلفة باختلاف الفصول، ويجعل من ليالي الشتاء فرصة مثالية لرصد النجوم والاستمتاع بجمال السماء.