النصر يقدم جوهرته التي كان يخفيها للأيام الصعبة لانقاذ الأخضر

النصر يقدم جوهرته التي كان يخفيها للأيام الصعبة لانقاذ الأخضر
  • آخر تحديث

على مدى سنوات طويلة، ظل مركز حراسة المرمى في السعودية سؤال معلق يبحث عن إجابة تعيد للذاكرة زمن السد العالي وأيام الحراس الذين كانوا يصنعون الفارق وحدهم.

النصر يقدم جوهرته التي كان يخفيها للأيام الصعبة لانقاذ الأخضر 

عاشت الجماهير حالة قلق مستمر كلما اقترب موعد بطولة كبيرة، وزاد هذا القلق مع السماح للأندية بالتعاقد مع حراس أجانب، مما جعل أغلب الفرق تعتمد عليهم بشكل شبه كامل حتى اختفت فرص الحراس المحليين إلا في مساحة ضيقة جدا.

وسط هذه الظروف، ظهر نواف العقيدي مثل شرارة أمل انتظرها الشارع الرياضي طويل، لم يكن مجرد لاعب شاب يطرق أبواب النجومية، بل كان حالة مختلفة، مشروع قائد قبل أن يكون حارس مرمى، وصوت واثق يعيد الثقة للحارس المحلي ويثبت أن الموهبة السعودية قادرة على العودة للمشهد مهما اشتدت المنافسة.

بداية تألق

يرتبط اسم نواف العقيدي بتلك اللقطة التاريخية في التصفيات المؤهلة لكأس العالم، حين وصلت كرة كانت كفيلة بإنهاء مشوار المنتخب في آخر لحظات مواجهة مصيرية.

كان الملعب يغلي والجماهير تعيش لحظات لا تحتمل، ومع ذلك وقف العقيدي بثبات يشبه ثبات الجبل في مواجهة العاصفة.

انطلق بمرونة مذهلة، وكأن الزمن توقف للحظة، ليمد يده ويبعد الكرة عن شباك كانت على وشك الاهتزاز.

لم تكن مجرد كرة صدها، بل كانت إعلان واضح بأن في السعودية حارس يولد في المواقف الكبرى، يقرأ نوايا المهاجم قبل أن يتحرك، ويملك رد فعل فطري يليق بحارس استثنائي.

هذه اللقطة لم ترفع مكانته فقط، بل وضعت اسمه في مقدمة قائمة الحراس الذين يعتمد عليهم المنتخب في السنوات القادمة.

شخصية قيادية

اللاعبون الكبار لا يصنعهم الأداء وحده؛ الشخصية هي نصف المجد. وهنا يتفرد العقيدي بميزة جعلته مختلفًا عن أغلب جيله.

فقد ظهر في أكثر من موقف بشخصية الناضج الواثق المسؤول، وهذا ما تجلى بوضوح في المؤتمر الصحفي الذي أثار جدل واسع خلال بطولة كأس العرب.

حين حاول أحد الصحفيين التشكيك في جدوى المشروع الرياضي السعودي والتقليل من فرص اللاعب المحلي أمام النجوم العالميين، لم يتردد العقيدي في الرد.

تحدث بثقة ورزانة، مدافعًا عن اللاعب السعودي ومؤكد أن الاحتكاك بالقامات العالمية يرفع المستوى ولا يلغيه، وأن المشروع السعودي ليس عبئ على المواهب المحلية بل محفز لها.

كان رده رسالة قوية للشارع الرياضي: هناك حارس لا يكتفي بحماية المرمى، بل يحمي فكرة المشروع الوطني كله. هذه العقلية هي ما يحتاجه المنتخب في البطولات الكبرى، عقلية القائد الذي يسبق أفعاله كلامه.

كسر القاعدة

في وقت أصبحت فيه أكبر الأندية تعتمد بالكامل على الحراس الأجانب، نجح نواف العقيدي في إعادة الاعتبار للحارس السعودي.

فبينما تمتلك الأندية الكبرى أسماء أجنبية لامعة مثل بونو وميندي ورايكوفيتش، اختار النصر أن يمنح الفرصة للعقيدي في أصعب المواقف وأهم المباريات.

لم يحصل على مركزه كهبة أو قرار إداري، بل انتزعه بعرقه وأدائه، متفوق في مراحل عديدة على خيارات أجنبية جاهزة ومكلفة.

وهنا تكمن قيمة إنجازه؛ لأنه أثبت عملي أن الحارس السعودي قادر على قيادة فريق ينافس على البطولات ويضم نجوم عالميين من طراز ثقيل مثل كريستيانو رونالدو.

بهذا الأداء، أصبح العقيدي الاستثناء الأبرز في الدوري السعودي، وحطم الصورة النمطية التي جعلت الجماهير والمدربين ينظرون للحارس الأجنبي باعتباره الخيار الوحيد المضمون.

نواف العقيدي أكثر من مجرد حارس

لا يمكن اختزال مسيرة العقيدي في كونه حارس متألق فقط، إنه نقطة تحول في مستقبل الحراسة السعودية، ورسالة واضحة بأن الوقت قد حان لعودة الحارس المحلي للمشهد.

وهو اليوم ليس مجرد لاعب يمثل نادي النصر، بل مشروع وطني كامل، ورمز لنهضة جديدة قد تضع المنتخب في موقع أقوى خلال مشاركاته القارية والعالمية المقبلة.

العقيدي هو الحارس الذي أعاد الثقة للمدرج السعودي، وأعاد الاعتقاد بأن العرين السعودي قادر على إنجاب جيل جديد من الحراس القادرين على صنع الفارق.